التهرب والتجنب الضريبي
التهرب والتجنب الضريبي من الجرائم الاقتصادية
يعد التهرب الجبائي من الجرائم الإقتصادية التي فرضت عليه أغلب التشريعات الجبائية في العالم عقوبات جنائية ومدنية تجاهه، وهو يمثل”أحد العيوب التي أفرزها نظام الربح في النظام الرأسمالي”([1])، وهو سلوك جبائي يراد منه التخلص من دفع المستحقات الجبائية لفائدة خزينة الدولة، وهو عادة ما يعرف بكونه يستعمل كل الوسائل التي من شأنها تمكين الملزم الجبائي من عدم أدائه للواجبات الجبائية المفروضة عليه.
التهرب الضريبي
المتهرب جبائيا، هو كل شخص، اعتباريا كان أم طبيعيا، توافرت فيه شروط أداء الضريبة، يحاول عدم أداء ها كلياً أو جزئياً، مستعملا في ذلك أساليب التدليس والغش والتحايل. وذلك على غرار ما حرمه الإسلام من التحايل لإسقاط الزكاة، والمقصود بالحيل هنا هي تلك التي يسميها بعض الفقهاء بالحيل الشرعية، وهي تقابل في المالية الحديثة ما يسمى بالقهر المشروع، ومثالها أن يهب الشخص ماله قبل تمام الحول أي العام، بقليل لزوجته لينقطع الحول ثم تهبه له ثانية فيسترده.
ضرب العدالة والمساواة
وللتهرب الضريبي عدة مظاهر، من بينها ضرب مبدأ العدالة والمساواة، وهذا يتعارض مع مبدأ التوزيع العادل للتكاليف العامة([2])، فهو هنا قد يكون بسبب المحاكاة مع أولئك الأشخاص المستفيدين من الإعفاء الجبائي بقوة القانون، رغم تشابه النشاط الممارس والشروط التي يشتغل فيها المعفى وغير المعفى. فهناك مواطنون يتهربون جبائيا ويتحملون عبئا جبائيا أكبر من ملزمين آخرين اختاروا الاستثمار في قطاعات مستفيدة، ليس فقط لأنها تحتاج إلى تشجيع، وإنما لوجود جماعات ضاغطة قادرة على الحصول على امتيازات وإعفاءات جبائية مهمة.
التجنب الضريبي
إذا كان التهرب الجبائي هو ذلك التخلص غير المشروع من الواجبات الجبائية، لأنه يتم بمخالفة مقتضيات قانونية واضحة، فإن التجنب الجبائي هو تخلص مشروع من التكاليف الجبائية، لأنه يتم دون مخالفة النصوص القانونية؛ وإنما يتم عن طريق الاستفادة من وجود ثغرات تشريعية في القانون الجبائي في حد ذاته.
فالتجنب الجبائي، إذن، يحصل حينما يعمد المواطن الملزم إلى تجنب الواقعة المنشئة للرسوم الجبائية من خلال امتناعه أو تغييره للنشاط الخاضع للتضريب، مستفيدا من الثغرات القانونية المسجلة على القانون الجبائي، فيتجنب بذلك، الضريبة أو يخفف من وعائها.
وعلى المجمل، تتعدد الأسباب والإتجاهات التي تجعل الملزمين جبائيا يفكرون في التهرب أو التجنب الجبائي من قبيل ضعف العدالة الجبائية في القانون الجبائي، أو وجود غموض في فقرات القانون الجبائي، أو ضعف الوعي والمواطنة الجبائيين، إضافة إلى عدم فعالية سياسة الجزاءات الجبائية على المخالفين للمقتضيات الجاري بها العمل.